قضية اميضرالمناضلة

 

الاعتقال السياسي في مسار قضية إميضر

 
  الاعتقال السياسي في مسار قضية إميضر

 

في صمت لايزال المناضل مصطفى اوشطوبان يدفع ضريبة نضاله الى جانب اهاليه بإميضر دفاعا عن الحقوق و الكرامة ورفضا لمنطق الاقصاء و التهميش.

منطقة إميضر التي تحتضن اراضيها ثروة يمكنها ان تنقد المغرب من شتى الازمات، تعاني من فقر وانعدام ابسط مقومات العيش الكريم، فالشركة المستغلة لمنجم الفضة بالمنطقة لا تعرف الوطن و المواطن فهمها الوحيد هو الزيادة في ارباح مالكيها ولو على حساب الانسان و المحيط، مما دفع الانسان الاميضري الى الوقوف في وجه هذا الاستغلال البشع منذ بداية اعادة اكتشاف المنجم سنة 1969، فكانت انتفاضة 1986 ، اعتصام 1996، إحتجاجات 2004، 2010 تم الاعتصام الحالي الذي لا يزال مستمرا منذ فاتح غشت من العام الماضي و الذي يعتبر الاطول من نوعه في تاريخ المغرب. كلها اشكال احتجاجية سلمية ذات مطالب سوسيواقتصادية يؤطرها القانون  وحقوق الإنسان, لكن السلطات لم تلتزم بموقفها الطبيعي وهو الحياد في مثل هذه النزاعات بإلزام الشركة للامتثال للقانون  ، بل كانت دائما اليد اليمنى للشركة    التابعة للاخطبوط أونا، وتعاملت بمنطق المقاربة القمعية واعتقال و تهديد للمطلبين بجزء من حقهم المهضوم في تجسيد لمقولة ان المخزن ماهو إلا اداة قمعية في ايدي البرجوازية.

 

ففي مارس من سنة 1986 اقدمت الشركة المسماة " شركة معادن إميضر على محاولة لحفر احد الابار لمدها بالمياه الصناعية و الصالحة للشرب و اختارت لذلك مكان يبعد امتارا عن الضيعات الفلاحية للساكنة وبدون اي سند قانوني، مما اضطر الساكنة الى الاحتجاج فخرجوا في مسيرات احتجاجية لثلاثة ايام ضد اشغال الحفر هاته التي كانت تتم تحت حماية من العشرات من القوات القمعية، ولإسكات صوت المحتجين تم اختطاف 6 ستة مناضلين وزج بهم في السجن لمدة شهر كامل دون محاكمات، ليستمر استغلال مياه البئر الى يومنا هذا ذون اي سند قانوني او اي تعويض يذكر للفلاحين الذين اضطروا الى مغادرة ضيعاتهم الفلاحية بسبب جفاف ابار الري  الفلاحي نتيجة استنزاف الفرشة المائية من طرف الشركة المعدنية.

بعد 10 عشر سنوات سنوات ستعود الاحتجاجات على شكل اعتصام بداية من 25 يناير 1996، رفضا لإستمرار استنزاف الثروات المائية، الرملية و المعدنية و ثلويت البيئة، كما رفضوا تكريس سياسة تهميش المنطقة و إقصاء ابنائها من العمل بالمنجم بسبب العمل ببروتوكول غير ديمقراطي تهميشي اضحى بموجبه العمل بالمنجم وراثيا حيث نص في مادة السادسة على تخصيص فرص الشغل المتوفرة لأبناء العمال فقط، في خرق سافر لمدونة الشغل ومبدأ تكافئ الفرص. وقد قوبلت مطالب الساكنة بالتجاهل و اللامبالات لينتهي بفض الاعتصام الذي دام 45 يوما إثر تدخل الاجهزة القمعية ليتم التنكيل بالمعتصمين بدون سابق انذار والاعتداء عليهم ونهب ممتلكاتهم ليخلف ذلك اعتقال 21 مواطنا من بيهم امرآتان لم يفرق الجلادون بينهم و بين الشيوخ و الاطفال حيث قاموا بتعديبهم طوال فترة الاعتقال، لتتابعهم النيابة العامة بتهم سياسية خطيرة شاهدة على حقبة من سنوات الجمر و الرصاص حيث نعتوا في محاضر الضابطة القضائية بالمتمردين ( المتمرد رقم1، 2، 3...) وتوبعوا بتهم التمرد، تكوين تجمع ثوري، العصيان المدني و التحريض عليه و الاعتداء على القوات العمومية إضافة الى تخريب املاك خاصة ؛لتحكم عليهم محاكم المخزن بورزازات بأحكام تتراوح مابين السنة و السنتين في حق لحسن اوسبضان  الذي اعتبر انذاك زعيم المتمردين، لذلك ارادوا له ان يكون عبرة لكل من يجرئ على التشبت بأرضه و حق في الاستفاذة من خيراتها وكل من يعلن رفضه لإستنزاف ثروات ارضه وخاصة من طرف شركات ملكية كان الحديث عنها انذاك من الطابوهات، ، وهكذا انهال عليه الجلادون بالتعديب و التخدير بشكل مستمر حتى اصبح جسده شاهدا على آثار الرفس و الجلد وتكسير العضام ونذوب حقن المخدرات التي ادت الى إصابته بمرض في الجهاز العصبي و الدماغ اودى بحياته بعد فترة قصيرة من خروجه من السجن.

هذه الاحداث ساهمت في بناء الذاكرة الجماعية لأهالي إميضر لتتبلور لاحتجاجات من جديد أعوام 2004، 2010 لتتوج بالاعتصام البطولي الذي لا تزال ساكنة الدواوير السبع لجماعة إميضر تخوضه منذ غشت 2011 فوق جبل ألبان ، بتأطير من حركة :على درب 96 مستمدة شرعيتها من السيرورة النضالية التاريخية وخاصة احداث 1996 ويتحول اسبضان لحسن الى شهيد القضية المسطرة بدماء و تضحيات ايت إميضر، ليطالبوا بحقوقهم المرفوعة منذ 1996 عنوانها الكرامة و العيش الكريم و الحق في الاستفاذة من ثروات اراضيهم والحق في التشغيل بالمنجم الذي اقصوا منه بشكل ممنهمج لأزيد من 26 سنة، و الحق في الماء، الصحة ، التمدرس...و وتنمية مستدامة لخلق توازن بين الثروات المستخرجة من تحت اراضيهم و فوق الارض والمستوى المعيشي للساكنة المحلية كذوي حقوق، مطالب موجهة الى السلطات و الشركة المستثمرة بمعادن المنطقة ، هذه الشركة التي اصبحت الاولى افريقيا من حيث انتاج المعادن النفيسة التي يتقدمها معدن الفضة بطاقة انتاجية تصل الى 250 طن سنويا، هذا الانتاج الهائل دفع ضريبتها الانسان الاميضري بالخصوص و المحيط المعرض للثلوت و استنزاف الفرشاة المائية بالمنطقة، وقد اختار السكان المتضررون استراتيجية النضال السلمي والصمود رغم كل التحديات الطبيعية و المادية و المعنوية مهما طال الزمن او قصر من اجل انتزاع حقوق بديهية مدعومة بالشرعية القانونية والمواثيق و الاعراف الانسانية، كل ذلك لمن يتني الشركة عن استخدام يدها اليمنى المثمتلة منذ البداية في السلطات المحلية و الاجهزة القمعية لمحاولة افشال الاشكال النضالية وذلك بإعتقال وتهديد المناضلين و اهاليهم و متابعات قضائية في حقهم، فحدث ان اعتقل المناضل مصطفى اوشطوبان يوم 05/10/2011 بعد مؤامرة بين الشركة المافيوزية و عناصر من الدرك الملكي ليحرر في حقه محضر مزور حوكم بموجبه بتهمتين غير متناسقتين هما التحريض على العصيان كتهمة سياسية بسبب آرائه ونشاطه النضالى السلمي، ولإضفاء بعض الشرعية لاعتقاله اضيفت تهمة السرقة لتحكم عليه محكمة ورزازات ب اربع 4 سنوات سجن نافذة في محاكمة ماراطونية صورية تفتقر الى ادنى شروط المحاكمة العادلة    خرقت فيها قواعد جوهرية في المسطرة الجنائية كإخضاع القضية للتحقيق في كافة اطوار المحاكمة، ليتضح للجميع ان المسرحية كانت مطبوخة و الحكم كان جاهزا مسبقا ، ووكشف تورط اطراف اخرى في القضية،

قضية اعتقال مصطفى اوشطوبان هي مثال مطابق لمسلسل انتقام من ساكنة إميضر فمنذ بداية الاعتصام زج بثمانية 8 شبان من ابناء إميضر بأحكام تتراوح بين الثلاث و اربع سنوات كان البطل فيها دركيي مركز تنغير الذي يبدوا انهم يتوفرون على محاضر جاهزة لأبناء إميضر ولا يحتاجون الا الى ملئ الفراغ بأسمائهم ، لإرسالهم الى محاكم ورزازات التي تودعهم السجن مباشرة بدون تحقيق او ادلة إدانة، فالإحكام كانت تتم بناءَا على محاضر مزورة رغم توفر ادلة مادية واضحة تنبث براءتهم، في قضايا تؤكد زيف اسطورة استقلال القضاء استمرار توظيفه لتصفية  الحسابات عبر استصدار أحكام جائرة وقاسية في محاكمات تنتفي فيها شروط ومعايير المحاكمة العادلة في الوقت الذي يتم فيه الحديث عن مشاريع وأوراش إصلاح العدالة .

الشركة المافيوزية SMI ا لتي تعيش على الفساد و امتصاص دماء اهالي المنطقة واستنزاف ثرواتها ، اذا كانت قد راهنت دوما على تدخل السلطات و قوات القمع فإنها اليوم لا تزال تراهن على ذلك اضافة الى عامل الوقت الذي تسبب في عدم تمكن تلامذة إميضر من الالتحاق بمدارسهم طوال هذا العام الدراسي مناضلين و صامدين فوق جبل البان برفقة اهاليهم لانتزاع حقوقهم رغم التضحيات و الاعتقالات و التهديدات و لن يثنيهم عن ذلك سوى تحقيق الحقوق و إطلاق سراح المعتقلين ورد الاعتبار اليهم ، في افق جبر الضرر الجماعي و الفردي للمختطفين في احداث 1986، و معتقلي 1996.

 

 

ملف اميضر بتنغير بين التعتيم الإعلامي والتهديد المخزني


ملف اميضر بتنغير بين التعتيم الإعلامي والتهديد المخزني


جمال باحمو-أكابريس

لازلت ساكنة اميضر المناضلة معتصمة على جبل البان مند بداية غشت الماضي أي منذ أكثر من ثلاثة أشهر في ظل تجاهل اعلامي كبير لقضية هذه الساكنة  التي ترفع مجموعة من المطالب الاجتماعية والمتمثلة أساسا في طلبهم يتدخل السلطة المحلية فيما يخص الإجحاف الذي يطلهم من قبل شركة معادن اميضر التي تشتغل في منجم  الفضة – وللاشارة فهذا المنجم هو أكبر منجم فضة بالمغرب – والتي سيطرت على كل الموارد المائية بالمنطقة مع العلم أن سكان المنطقة تعتمد على الزراعة وتربية الماشية في نشاطاتها.

وللإشارة، فمطلبهم الأول هو إعطاء الأولوية للساكنة في الاستفادة من الفرشة المائية بالمنطقة، بالإضافة إلى مطالبتهم بالتحقيق في التلوث الذي يصدره المنجم والذي يتسبب بانتشار مجموعة من الإمراض التي تتسبب بموت الماشية، وكمطلب منطقي وأخير يطالب السكان بتخصيص مناصب الشغل لأبنائهم بالمنجم، هذه هي أهم المطالب التي روسلت السلطات من أجل التدخل الفوري لحلها لكن وكعادتها فأخر ما تهتم به هو المواطن.

ولعل ما شهده هذا الملف منذ بدايته من ردود الافعال من قبل السلطات الإقليمية بل والجهوية، والتي تحاول إسكات السكان بأي شكل من الإشكال، فبعدما  حاولت تخويفهم بالتهديدات والتدخلات الأمنية في حقهم لمحاولة فض المعتصم، لجئت في الآونة الأخيرة إلى الحوار وإعطاء مجموعة من الوعود الكاذبة، لكن وبعد الإصرار الكبير لساكنة اميضر على مطالبهم وإيمانهم بمشروعيتها واستمرارهم في خطواتهم النضالية رغم الاعتقالات التي طالت مجموعة من مناضلي المنطقة كشرت السلطات المسؤولة عن انيابها و لجات إلى  تخويفهم مرة أخرى ولكن هذه المرة من الجو.

فبعدما أدى أهل اميضر صلاة عيد الأضحى بالمعتصم، نظموا

  وقفة احتجاجية قرب البئر الذي استنزف الفرشاة المائية بالمنطقة، و الذي تستغله شركة معادن اميضر منذ 1986، لذلك قررت الساكنة المعتصمة منذ 100 يوم القيام بتصعيد نضالاتها، و ذلك بإيقاف استغلال هذا البئر،بعد عدم وفاء السلطات بوعودها لتطبيق القانون ضد الشركة، وبالعكس قامت بإنزال لجميع تلاوين قوات  المخزن و قامت بتطويق البئر، وتهديد الساكنة حيث قامة طائرة مروحية تابعة للدرك الملكي  بالتحليق على مسافة قريبة وحاولت أن تحط وسط مسيرة شعبية  في محاولة لتفريقهم، في إشارة إلى نفاذ صبر المصالح الأمنية مما ينذر بخطوات قد لا تحمد عقباه  ستتخذها هذه المصالح  الأمر الذي يفرض علينا كمغاربة إلى إعطاء هذا الملف ما يسحقه من متابعة .